(سبوتنك): هل تخطط للقيام بأي زيارات إلى دول الاتحاد الأوروبي، أو الولايات المتحدة، أو الدول الأفريقية أو إجراء مفاوضات معها في المستقبل المنظور؟ هل يتضمن جدول أعمالك أي اجتماعات مع دبلوماسيين روس؟
(النايض): أتواصل يوميًا مع العديد من الحكومات الأوروبية، ومسؤولين أمريكيين وبريطانيين، وكذلك الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي بموجب تفويضي بصفتي المبعوث الخاص لرئيس مجلس النواب، كما أقوم بتسهيل الزيارات الخارجية لرئيس مجلس النواب وكذلك زيارات الدبلوماسيين والوزراء له في مقره، أما بشأن العلاقات الروسية مع مجلس النواب، فهي ليست جزءًا من اختصاصي، ومع ذلك، أنا على اتصال بروسيا بصفتي الأخرى مستشارًا للأمن القومي لرئيس الوزراء عبد الله الثني، وبصفتي رئيسًا لتكتل إحياء ليبيا.
(سبوتنك): دعمت دول متعددة، بما فيها روسيا، ما يسمى مبادرة القاهرة في حين رفضتها حكومة الوفاق الوطني وتركيا، ما هي الإجراءات التي يخطط مجلس النواب لتعزيزها بشأن هذه المبادرة؟ هل توجد جهود لإقناع حكومة الوفاق الوطني بإعادة النظر فيها؟ هل من المحتمل أن تجري مناقشات أو محادثات مباشرة من خلال وسطاء حول التغييرات الممكنة في طرائق وقف إطلاق النار والتسوية السياسية التي تنص عليها المبادرة؟
(النايض): “مبادرة القاهرة” هي في الواقع نسخة منقحة ومجمعة من المبادرة التي أطلقها معالي المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، في بداية شهر رمضان المبارك، قبل بضعة أشهر، التي تمخضت عن تشاور واسع النطاق مع أهم شيوخ وحكماء القبائل وقادة النسيج الاجتماعي في ليبيا.
مبادرة القاهرة هي مبادرة ليبية بامتياز توفر أساسًا متينًا لتحقيق السلام واستئناف عملية سياسية ليبية مثمرة، يمكن أن تؤدي المبادرة إلى تقديم الخدمات التي تشتد حاجة الليبيين إليها، فضلاً عن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة في أقرب وقت ممكن.
لسوء الحظ، انتقلت حكومة الوفاق الوطني، وخاصة مجلس الدولة الذي يقوده الإخوان المسلمون، من خطاب كونها الضحية بشأن الدفاع عن العاصمة طرابلس، إلى خطاب متغطرس للغاية بشأن استمرار الهجمات العسكرية حتى فرض السيطرة على موارد ليبيا من النفط والغاز بالكامل، وكذلك جميع الأراضي الليبية.
إن هذا الموقف المتغطرس ورفضها لمبادرة القاهرة هو ما يؤدي إلى الوضع المتقلب والخطير لغاية الآن.
لقد بذلنا قصارى جهدنا للتخفيف من الانزلاق السريع إلى مزيد من الصراع المسلح، وأنا منخرط في قنوات اتصال متعددة تحاول الدفاع عن تسوية سلمية، بدلاً من المزيد من الحرب.
كما أنني على اتصال بالعديد من الفاعلين على المستوى القبلي والاجتماعي، بما في ذلك مجالس القبائل في سرت، وبني وليد، وفزان.
(سبوتنك): في الأسبوع الماضي، منح مجلس النواب الإذن للقوات المصرية بالتدخل في ليبيا إذا رأت القاهرة ذلك ضروريًا للرد على التهديدات الوشيكة لأمنها، كما سمح البرلمان المصري يوم الاثنين للجيش المصري بإرسال قواته إلى ليبيا.
هل ناقش البرلمان في طبرق مع مصر أي طرائق محددة لمثل هذا التدخل؟ ما هي التحركات أو الإجراءات المحددة التي تتخذها حكومة الوفاق الوطني والتي يمكن أن تندرج تحت تعريف “التهديد الوشيك لكلا البلدين”؟ هل يخشى مجلس النواب من أن يُحوِّل التدخل ليبيا إلى ساحة معركة بين القاهرة وأنقرة ويؤجج الصراع؟
(النايض): إن احتمالات نشوب صراع كبير بين مصر وتركيا على الأراضي الليبية ليست مسألة بسيطة، وهي الآن أمر واقع تمامًا، لقد ذهب ممثلوا البرلمان الليبي وشيوخ القبائل الأكثر احترامًا لدينا وقادة النسيج الاجتماعي إلى مصر وطالبوا بالتدخل المصري المباشر ليس لأنهم يريدون الحرب ولكن لأنهم يريدون السلام.
حقيقة الأمر هي أن تركيا استخدمت الدعوة غير القانونية (بدون موافقة برلمانية) من حكومة الوفاق الوطني للقيام بأمرين يمثلان تهديدًا وجوديًا: (1) جلبت تركيا ما يقرب من ستة عشر ألف مقاتل، أغلبهم من أعضاء القاعدة وداعش، إلى ليبيا؛ و(2) أكدت تركيا الهيمنة الكاملة على ليبيا ومواردها في تصريحات وخطب متغطرسة للغاية على لسان وزير دفاعها ومسؤولين آخرين.
كان منظر وزير تركي يتحدث فقط إلى الأتراك، مع العلم التركي فقط بجانبه، في قلب طرابلس، مهينًا بشدة لجميع الليبيين. ألقى كلمته بينما انتظر السراج وباشا آغا خارج القاعة! وقد أوضح حديثه عن إرث عمره 500 عام، والبقاء “إلى الأبد” في ليبيا، بشكل مؤلم إننا نتعامل مع احتلال عثماني كامل جديد.
لذلك، مجلس النواب الليبي ونسيجه الاجتماعي متحدون في السعي إلى التدخل المصري المباشر ضد الاحتلال التركي. هذا بالطبع خطير للغاية، لكن العدوان التركي المتغطرس لم يترك لنا خيارًا آخر.
(سبوتنك): هددت فرنسا وألمانيا وإيطاليا بفرض عقوبات على انتهاكات حظر الأسلحة المفروض على ليبيا. ما رأي مجلس النواب في هذا البيان؟ هل تتوقع أن يكون لهذا أي تأثير على الوضع على الأرض؟
(النايض): مع كل الاحترام الواجب، تتبع أوروبا، باستثناء اليونان وقبرص وفرنسا، سياسة استرضاء فاشلة تجاه أردوغان، فشل الاسترضاء عام 1939/1940، وها هو ذا يفشل مرة أخرى، توجد حاجة ماسة إلى إعادة قراءة كتاب عام 1940 “الرجال المذنبون” في أوروبا اليوم، الفشل في إيقاف سفاح بلطجي بحزم سيؤدي حتمًا إلى عواقب كارثية.
من سوريا إلى ليبيا، من الصومال إلى قطر، من الواضح للجميع أن أردوغان ينتهج سياسة عثمانية جديدة من الهيمنة والسيطرة ويصرح بهذا في الواقع في العديد من خطبه دون مواربة. لن يوقف أردوغان أي قدر من التمنيات الأوروبية. لذا يطالب البرلمان الليبي وقادة القبائل بالدعم المصري.
(سبوتنك): هل توافق على افتراض أن الدول الأوروبية منقسمة إلى حد ما حول تسوية الصراع الليبي؟ إلى أي مدى يؤثر هذا على مفاوضات مجلس النواب مع أصحاب المصلحة الأوروبيين وعملية التسوية؟
(النايض): ما تفتقر إليه في أوروبا ليس الوحدة بقدر ما هي الإرادة لمقاومة البلطجة التركية. اليونان وقبرص وفرنسا هي الدول الثلاث الوحيدة التي تقوم بمهمة مقاومة عدوانية أردوغان. من خلال اتصالاتنا اليومية ومن خلال الرسائل الواضحة التي نقلها المستشار عقيلة صالح خلال زيارته الأخيرة إلى روما، نشدد لشركائنا الأوروبيين على أن أعمال أردوغان، وخاصة تصدير الإرهابيين بالجملة إلى ليبيا، تشكل خطرًا على أوروبا بقدر ما تشكل خطرًا على ليبيا وجيرانها. لابد أن يكون لدى أوروبا مزيدًا من الإصرار لتساعد ليبيا وتساعد نفسها.
(سبوتنك): صرح دبلوماسي أمريكي الأسبوع الماضي بأن الاتحاد الأوروبي لا يفعل ما يكفي لوقف إمدادات الأسلحة لليبيا وأن مهمته البحرية “أحادية الجانب” لأنها تراقب تصرفات تركيا فقط. ما هو رأي مجلس النواب في هذه المهمة ومثل هذا التقييم من قبل الولايات المتحدة؟ هل ناقشت البلدان الأوروبية معك هذه المهمة والتغييرات المحتملة لها؟
(النايض): بصراحة تامة، لم يقم أحد بما يكفي لوقف توريد الأسلحة إلى ليبيا، أو لتنفيذ أي من الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الصخيرات أو باريس أو باليرمو أو أبوظبي أو القاهرة أو أي مكان آخر. تمتلك العديد من البلدان أساطيل متوسطية، بما في ذلك الأمريكيون، ولم يفعل أي منها أي شيء لإيقاف خطوط الإمداد البحرية التركية. عندما حاولت فرنسا، تركها جميع حلفائها المفترضين وحدها. وما تزال تركيا تشحن الأسلحة والإرهابيين بلا هوادة وأمام أعين الجميع مع الإفلات التام من العقاب.
لقد ناقشت مع العديد من الدول الأوروبية كيفية جعل هذه المهمة البحرية، الافتراضية حتى الآن، حقيقية وفعالة. كما تستمر الشحنات الجوية التركية اليومية للإرهابيين إلى ليبيا دون هوادة باستخدام الطائرات والمطارات المدنية في انتهاكات صارخة للقانون الدولي.
(سبوتنك): إلى أي مدى يؤثر تأخير تعيين مبعوث الأمم المتحدة الخاص على جهود السلام في ليبيا وحولها؟ وقد صرحت روسيا إنها تود تعيين مرشح أفريقي. هل لدى مجلس النواب أي تفضيلات محددة؟
(النايض): يضر التأخير في تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة بشدة بآفاق السلام والاستقرار في ليبيا. يجب أن يكون هذا التعيين قرارًا احترافيًا وتكنوقراطيًا تمامًا من قبل معالي الأمين العام نفسه. لسوء الحظ، فقد أصبح الأمر عرض لألاعيب السياسة والمؤامرات الدولية.
بصفتنا أفارقة، نرحب بتعيين خبير أفريقي. كما نعتقد أنه يجب على الاتحاد الأفريقي أن يلعب دورًا أكبر في معالجة أزمات ليبيا.
مثلما نعتقد أن الجامعة العربية واتفاقيات الدفاع المتبادل العربية يجب تفعيلها بشكل عاجل. ولعل قرار البرلمان المصري بدعم سيادة واستقلال ليبيا سيؤدي إلى المزيد من الالتزامات العربية والأفريقية.