مقابلة عارف النايض رئيس تكتل إحياء ليبيا مع وكالة ليبيا 24

ذكر رئيس تكتل إحياء ليبيا عارف علي النايض، أن تأجيل الانتخابات الرئاسية المرة تلو الأخرى منذ 2011 هو السبب الرئيسي في الصراع الدموي على السلطة. 

وأضاف النايض أن آخر تأجيل رسمي للانتخابات حصل عند جلوس البرلمان المنتخب في 2014، حيث أقر البرلمان أن اختيار رئيس ليبيا يجب أن يكون عبر انتخابات رئاسية مباشرة.

تفاصيل أكثر تتابعوها في الحوار الذي أجرته “وكالة أخبار ليبيا24” مع رئيس تكتل إحياء ليبيا الدكتور عارف النايض:

بداية، مرحباً بكم معنا، نتطرق إلى آخر المستجدات المحلية والدولية بعد قرار القائد العام للجيش الليبي باستئناف عملية إعادة إنتاج وتصدير النفط، وصفتم اتفاق إعادة إنتاج وتصدير النفط أنه قرار (شجاع) هل ترى أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى توقف الحرب وحدوث توافق بين كافة الأطراف الليبية؟ 

اتفاق إعادة إنتاج وتصدير النفط كسر الجمود بين الأطراف وفتح خط تفاوضي جديد

هذا الاتفاق كسر الجمود بين الأطراف، وفتح خط تفاوضي جديد وهام. بالطبع هو تأسيس جديد وهش، ولكنه قابل للتثبيت والتطوير والبناء عليه، إذا صدقت النوايا والتزم الجميع بالشفافية والحوكمة الرشيدة والنزيهة وإغلاق جميع أبواب الفساد والاستحواذ.  

الاتفاق على الإنصاف في توزيع الموارد الليبية على كافة المواطنين الليبيين وقراهم ومدنهم ومناطقهم يفكك عاملا أساسيا من العوامل التي أدت للحروب المتتالية منذ 2011.

ولو استطاع الليبيون الجلوس مع بعضهم البعض ، بدون استحواذ وألاعيب ومكر المؤدلجين الذين يضعون مصلحة “الجماعة” فوق مصلحة الوطن، فيمكنهم فعلا الوصول إلى تفاهمات تقوم على أساسها الدولة الليبية المنشودة.

رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج وكذلك محافظ البنك المركزي الصديق الكبير وأسامة الجويلي أحد قادة الوفاق قد أعلنوا خلال تصريحات صحفية عن رفضهم لهذا الاتفاق كيف تابعتم ردود هذه الأفعال ويكف تقيمون مبرراتهم لهذا الرفض؟

أي اتفاق حقيقي بين الليبيين يزعج من استحوذ بالقرارات السياسية والمالية والعسكرية

بالطبع، أي اتفاق حقيقي بين الليبيين سيكون مزعجا لمن استحوذوا واستأثروا بالقرارت السياسية والمالية والعسكرية في الغرب الليبي. للأسف، رئيس المجلس الرئاسي يتصرف وكأنه حاكم مطلق لليبيا، ويعطي نفسه حق الدخول في اتفاقيات دولية دون أي إذن من السلطة التشريعية الليبية الوحيدة وهي مجلس النواب (بحسب الإعلان الدستوري، وبحسب اتفاق الصخيرات نفسه). ويستكثر في نفس الوقت على الليبيين أن يصلوا إلى اتفاقيات توقف الحروب وتنحى بالبلاد نحو السلام والاستقرار وبناء الدولة.

لنتذكر جميعا أن المجلس الرئاسي مجلس منقوص تركه نصف أعضائه، وأن قراراته باطلة لأنها لا تصح إلا بالإجماع وهو مستحيل بسبب غياب نصف المجلس. كما يجب أن نتذكر أنه مجلس غير منتخب وغير حائز على ثقة البرلمان ومنتهي الصلاحية منذ أربع سنوات.

بالنسبة لمحافظ ليبيا المركزي، بالطبع سيعترض وهو الذي استحوذ على إدارة أموال ليبيا بشكل غير قانوني، حيث طرده البرلمان مرتين، واستنفذ مدته القانونية منذ سنوات.

أما تعليقات العسكريين على الاتفاق سلبا فهو أمر مستغرب وهم الذين ادعوا بأنهم يدافعون عن الدولة المدنية، وقد تحدّث رؤساؤهم المدنيون.

هل ستكون هناك تداعيات بعد رفض السراج والبنك المركزي في طرابلس وعدد من قادة الجماعات المسلحة التابعة للوفاق لهذا الاتفاق وهل من الممكن أن يصبح عثرة في إعادة إنتاج وتصدير النفط برأيكم؟ 

صنع الله حاول الإصرار على فرض القوة القاهرة على القطاع النفطي بأكمله

للوهلة الأولى، بدت محاولات المعرقلين وكأنها ستنجح، وخاصة محاولة الرئيس المكلف تجاوزا للمؤسسة الوطنية للنفط والذي حاول الإصرار على فرض “القوة القاهرة” على القطاع النفطي بأكمله. ولكن الاتصالات الدبلوماسية المكثقة خاصة مع واشنطن وعواصم أخرى نجحت في إحباط محاولات المعرقلين والإصرار على فتح تصدير النفط. ولا زالت الأمور تسير قدما بإيجابية كبيرة.

اقتصاديا إلى أي مدى سوف يؤثر هذا الاتفاق بشكل عام وعلى سبيل المثال من عملية توفر السيولة وانخفاض سعر الدولار وغيرها في ليبيا؟

إذا وجهت واردات النفط فعلا لخدمة كل الليبيين بإنصاف فهذا أمر ينعش الاقتصاد

ليبيا، للأسف الشديد، تعتمد بشكل كامل على تصدير النفط في توفير الموارد اللازمة لكل مناحي الحياة والخدمات للمواطنين. ولذلك تصدير النفط، إذا وجهت وارداته فعلا لخدمة كل الليبين بإنصاف، هو أمر ينعش الاقتصاد ويوفر السيولة والخدمات. ولكن ليحصل ذلك فعلا يتعيّن حماية الورادات من الفساد ومن سوء الاستخدام ومن تمويل الإرهاب والحروب.

خلال تصريحات صحفية لكم أعلنتم أن اتفاق إعادة فتح وإنتاج وتصدير النفط سيجفف منابع الإرهاب، ماذا تقصد بتجفيف منابع الإرهاب وأين تكمن هذه المنابع هل في طرابلس أم في بعض الدول المجاورة؟

المصرف المركزي أصبح بمثابة آلة سحب ذاتي للجماعات المتطرفة

للأسف، أذكر جيدا في 2011 كيف استطاع علي الصلابي والصادق الغرياني وجماعاتهم من إزاحة المرحوم قاسم عزوز من منصب محافظ ليبيا المركزي وتنصيب أداة من أدواتهم في المنصب.

ومنذ ذلك التاريخ تم زرع أعضاء من الجماعة وأدواتها في مجلس إدارة المصرف وفي أهم إداراته بحيث أصبح المصرف المركزي بمثابة “آلة سحب ذاتي” للجماعات المتطرفة من خلال شركاتهم والاعتمادات والعملات الأجنبية التي استحوذوا عليها.

ومنذ سنوات قام المصرف المركزي بتحويل أموال وأرصدة طائلة إلى تركيا، وزادت وتيرة ذلك بعد الاتفاقية الاستعمارية الأخيرة التي أقدم عليها المجلس الرئاسي المنقوص والمنتهي الصلاحية بدون مصادقة البرلمان الليبي المخول الوحيد بالمصادقة على كافة الاتفاقيات.

 ولا يزال المصرف المركزي يحوّل ثمن المستعمرين الجدد ومرتزقتهم التركمان. لذلك، أي اتفاق يمنع الاستحواذ على موارد النفط ويضمن عدم ذهابها إلى تركيا وجماعاتها المؤدلجة سيجفف فعلا منابع الإهاب.

أثنيت على خطوة نائب المجلس الرئاسي أحمد معيتيق بشأن الحوار الليبي _ الليبي هل هذه الخطوة ستؤدي إلى مصالحة وطنية حقيقية شاملة ودائمةً كما أسلفت وهل من الممكن أن ستنطلق خلال الفترة القادمة مبادرات محلية للمصالحة الوطنية كافة؟

مشايخ وأعيان وقيادات ليبيا الاجتماعية لم يتوقفوا قط منذ 2011 عن محاولات إصلاح ذات البين والوصول إلى مصالحة وطنية شاملة. ولكن للأسف، تم إهمال أعمالهم الجليلة وتعودت البعثة الأممية على دعوة كثير من الشخصيات التي لا تمثل إلا نفسها أو أعدادا قليلة من الناس أو أحزاب قزمية هزيلة. هذه الخطوة الحوارية الجديدة، إذا ما التفّت حولها القيادات الاجتماعية الليبية، يمكن أن تُبنى عليها مصالحة شاملة، إذا صحت النوايا، واتسعت دائرة المشاركة فيها.

بحسب رسالتك إلى الأمين العام للأمم المتحدة المتحدة أنطونيو غوتيريش في نهاية أغسطس، هل إنشاء مجلس تصدير نفط مشترك، وحساب ائتمان مشترك، وآلية دفع مشتركة متعددة التوقيعات (مراقبة دولياً) تضمن توزيع عادل لإيرادات النفط؟

لا شئ يضمن العدالة والإنصاف إلا الرقابة الشعبية الليبية الصارمة لكل المؤسسات والمعاملات

لا شيء يضمن العدالة والإنصاف إلا الرقابة الشعبية الليبية الصارمة لكل المؤسسات والمعاملات، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال تجديد الشرعية الليبية بإجراء انتخابات عاجلة رئاسية وبرلمانية وبلدية.

تلك المقترحات التي قدمناها في تكتل إحياء ليبيا إلى السيد الأمين العام للأمم المتحدة هي جزء من آليات قد تساعد في السير نحو الإنصاف، ولكن الإنصاف يستلزم وعيا شعبيا عميقا ورقابة نزيهة من سلطات منتخبة من قبل الشعب الليبي صاحب الحقوق الأصيلة والشرعية الوحيدة.

بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا والبعثات الدبلوماسية كذلك لم يصدروا أي بيانات ترحيب حتى اللحظة ما تعليقكم حول عدم صدور أي بيانات من المجتمع الدولي أو ردود فعل حول الاتفاق لفتح وتصدير وإنتاج نفط؟

واشنطن ضغطت على صنع الله وألزمته بالتراجع عن موقفه المعرقل لفتح تصدير النفط

فعلا، استغربنا جميعا من تأخر ردود الأفعال الإيجابية، ولعل الاتفاق الليبي الليبي فاجأ الكثيريين وأحبط بعض ترتيباتهم، ولكننا نشكر واشنطن وبعض العواصم الأخرى على ضغطها على رئيس مؤسسة النفط المكلف تجاوزا وإلزامه بالتراجع عن موقفه المعرقل لفتح تصدير النفط.

بحسب مصادر لـ”أخبار ليبيا24″ علمنا أن هناك أسماء المجلس الرئاسي القادم في ليبيا شبه متوافق عليها ثلاثة أسماء مطروحة لرئاسة المجلس على أن يختار من بينهم وأربعة لرئاسة الحكومة للتوافق على شخصية منهم أيضا خلال فترة قليلة يعاد تشكيل الرئاسي وتبدأ الاجتماعات خلال أيام، هل لديكم أي تواصل مع تلك الأسماء أو تمت دعوتكم لحضور هذه الاجتماعات؟

كل ما يتداول عن تركيبة المجلس الرئاسي القادم وتركيبة الحكومة القادمة هو عبارة عن شائعات وتخمينات ومحاولات من قبل البعض لصناعة زخم حول أسمائهم. أنا لم أشارك في أي من مداولات جينيف أو مونترو أو المغرب، وبعد أن أنهيت مهامي العاجلة التي كلفني بها معالي رئيس البرلمان، تخليت عن صفة “مبعوث” لرئيس البرلمان تفاديا لأي لبس أو تضارب مصالح.

في ظل إعلان حفتر ومعيتيق والاتفاق الأخير، ما مصير مؤتمر جنيف القادم ومبادرة عقيلة صالح ومبادرة برلين والقاهرة كذلك؟

مقررات برلين كان لها تأسيسا دوليا قويا واستطاعت أن تشمل جميع المسارات الهامة، واختصرت كل ما سبقها في الصخيرات وباريس وباليرمو وأبوظبي وغيرها من المحطات. مبادرة القاهرة استطاعت أن تبني على برلين وعلى المبادرة الرمضانية لرئيس البرلمان الليبي، واستطاعت أن تصنع إطارا أمنيا استراتيجيا أوقف التمدد التركي إلى الشرق، وصنع وقفا لإطلاق النار. نجاح مؤتمر جنيف مرهون بشفافية وجدية البعثة الأممية.

إذا كانت البعثة واضحة ومنصفة وأحسنت الاختيار، فسينجح الحوار المرتقب. وإذا أخلت بأي شرط من تلك الشروط فسيفشل الحوار. ولكن هناك احتمال كبير بأن تنجح المساعي الليبية الليبية الجارية حاليا، خاصة إذا تتوجت باجتماعات حوارية حقيقية وصادقة في القاهرة قريبا، تنجح في الوصول إلى تفاهمات تقود إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية وبلدية عاجلة، وإلى تأسيس جديد للدولة الليبية الموحدة والآمنة والمستقرة والمزدهرة.

أعلنت مصادر برلمانية في ليبيا أن وفدي مجلسي النواب والدولة سوف يستأنفان مفاوضات بالمغرب في بوزنيقة بعد تأجيلها لعدة أيام، برأيكم هل هذه المفاوضات سوف تنتهي بخروج اتفاق كامل يلزم الأطراف كافة بتنفيذ مخرجاتها ؟

لدى (جماعة الإخوان المسلمين) هوس عجيب بالاستحواذ على كل شئ

لا زال المغرب الشقيق يحاول مشكورا أن يحتضن ويشجع الحوارات الليبية لعل ذلك يفضي إلى تفاهمات تنهي الصراعات الدامية وتؤسس لانطلاق بناء الدولة الليبية. ولكن المفاوضات بالمغرب تعاني من إشكال بنيوي عميق هو سبب تعرقلها حتى الآن، وهو ما قد يؤدي إلى انهيارها بالكامل. هذا السبب هو الهوس العجيب لدى (جماعة الإخوان المسلمين) بالاستحواذ على كل شيء، بداية بالاستحواذ على مجلس الدولة نفسه بل وعلى سلطة التشريع. بحسب (اتفاق الصخيرات)، مجلس الدولة يجب أن يكون مجلسا استشاريا فقط، وأن لا يزاحم مجلس النواب كونه السلطة التشريعية الشرعية في ليبيا. أيضا، مجلس الدولة كان يجب أن يتكون من كل النواب المنتخبين في 2012 للمؤتمر الوطني العام. واقعيا، أقصت جماعة الإخوان المسلمين و (كتلة الوفاء) سابقا جميع منافسيها في المؤتمر الوطني العام، خاصة أولئك الذين احترموا نتائج انتخابات 2014، وسلّموا السلطة إلى البرلمان المنتخب الجديد. (كتلة 94) مثلا، وهي كتلة ضخمة، استُبعدت بالكامل. فكانت النتيجة أن أصبح (مجلس الدولة) حكرا على جماعة الإخوان المسلمين، ويُقاد من قبل أحد أبرز أعضائها السيد خالد المشري.

بل إن الجماعة استبعدت حتى بعض الشخصيات والكتل الأخرى، ككتلة الدكتور عبد الرحمن السويحلي وزملائه. للأسف، كل بيانات المستبعدين والمهمشين لم تُجدِ شيئا، واقتصر تمثيل (مجلس الدولة) في مفاوضات المغرب على فريق من الإخوان المسلمين وحلفائهم. الاستحواذ لا يقتصر على التمثيل، للأسف، ولكن على منهجية ونية التفاوض، والحيل القانونية التي لجأ إليها الإخوان في موضوع المصرف المركزي الليبي خير مثال على ذلك. يتنازلون على رئاسات شكلية، ويستحوذون على تركيبات حاكمة على المؤسسات.

أهم شروط النجاح لأي تفاوض هو حسن النية، ومحاولة احترام الآخر ومخاوفه واحتياجاته. هذه الشروط لا تبدو متوفرة للأسف الشديد. ويبدو أن البرلمان وقع في خطأ معاملة جزء من مجلس الدولة (الجزء الإخواني) وكأنه شريك ونظير في السلطة التشريعية، وهذا خطأ جسيم، لا بد من تلافيه عاجلا، وإلا ستفشل المفاوضات، أو ستفضي إلى نتائج لا يمكن للشارع الليبي أن يقبلها، ولن تصمد أمام أول تَحَدٍّ.

لماذا مجلس الدولة قام بتغيير الوفد الأول الذي شارك في أولى مفاوضات بوزنيقة ورفض وفد النواب هذا التغيير، هل تعتقد أن هناك محاصصة بين الطرفين لتقسيم المناصب السيادية؟

الشارع الليبي محتقن والناس كرهوا أي مجموعات سياسية تتقاسم المناصب

رأينا عدة مرات من قبل حيل الإخوان المسلمين في التفاوض. بداية، يرسلون وفدا معقولا ومختلطا نوعا ما. وبعد أن يترسخ المسار التفاوضي، يرسلون فرقهم المحترفة من الإخوان المخضرمين، مدعومين بأعداد كبيرة من “المستشارين”، ويقيمون “غرف عمليات” تعمل ليلا ونهارا على تحقيق مآربهم ومكاسبهم. هذا ما جرى هذه المرة أيضا، ولذلك كان حقيقا على وفد البرلمان أن يصر على الوفد السابق، وأن يرفض العدد الغريب من “المستشارين” و “المساعدين”.

الشارع الليبي محتقن غربا وشرقا وجنوبا، والناس سئموا وكرهوا منظر أي مجموعات سياسية وهي تتقاسم المناصب والغنائم والمزايا.

على المتفاوضين في المغرب أن يعوا ذلك جيدا، وأن يعلموا بأن المحاصصة والاقتسام أمر مرفوض شعبيا. يجب أن يكون التفاوض على وضع آليات وتوازنات وضمانات تؤمّن ما تبقى من الأموال والموارد العامة، وتضمن الشفافية والحوكمة الرشيدة. الأمر يجب أن لا يكون توزيعا للمزايا على أشخاص أو حتى مناطق، ولكن بناء المؤسسات متوازنة ومنصفة وعادلة تضمن حقوق جميع الليبيين.

بعثة الأمم المتحدة أعلنت في بيان صحفي أن طرفي النزاع الليبي اتفقا على استئناف المحادثات العسكرية في مصر، ما مدى التوافق الذي سوف يصل له أطراف النزاع خاصة أن الكثير من الخبراء يقولون أن الأزمة الليبية أساسها أزمة أمنية وليست سياسية؟ 

مسار الحوار العسكري قطع شوطا طويلا، ليس فقط في الجلسة الأخيرة في الغردقة، ولكن في الست جلسات المضنية السابقة التي استضافتها الشقيقة مصر مشكورة، على مدى السنوات الماضية. بناء المؤسسات هو السبيل الأقوم لإقامة الدولة الليبية. “الشخصنة”، أي التركيز على أشخاص بعينهم، هو ما يدمر كل محاولات بناء الدولة.

لا بد أن نركز على بناء المؤسسات، بما في ذلك المؤسسة العسكرية الليبية الشاملة لكل الليبيين والحامية لكل الليبيين. الأخبار التي نتجت عن جلسة الحوار في الغردقة إيجابية، ويبدو أن خطوات حقيقية قد تم إنجازها نحو المَأْسَسَةِ والتنسيق العسكري الليبي الليبي.

مع كل هذه المفاوضات والمحادثات هنا وهناك مع الأطراف الليبية برعاية دولية وعربية إلى أي حد سوف تتوج هذه الأعمال بإنهاء جذري للأزمة الليبية وهل من الممكن أن تجري انتخابات برلمانية ورئاسية قادمة إذ اتفقت جميع الأطراف أم سوف يكون هناك عائق جديد أمام أي اتفاق يبرم؟

تأجيل الانتخابات الرئاسية المرة تلو الأخرى منذ 2011 هو السبب الرئيسي في الصراع

تأجيل الانتخابات الرئاسية المرة تلو الأخرى منذ 2011 هو السبب الرئيسي في الصراع الدموي على السلطة. آخر تأجيل رسمي حصل عند جلوس البرلمان المنتخب في 2014، حيث أقر البرلمان أن اختيار رئيس ليبيا يجب أن يكون عبر انتخابات رئاسية مباشرة، وحسب مقررات (لجنة فبراير) والترتيبات الانتخابية التي تضمنتها. ولا يزال ذلك القرار (ورقمه 5 لسنة 2014) ملزما للجميع، لأنه صدر بنصاب كامل وأغلبية مطلقة. للأسف، لا يزال البرلمان يؤجل الإعلان عن الانتخابات الرئاسية، رغم اتفاقه مع جميع الأطراف على إجراء تلك الانتخابات في ديسمبر 2018، بموجب (اتفاق باريس).

كما أن رئيس المجلس الرئاسي السيد فايز السراج لا يزال يماطل في إعلان موعد الانتخابات رغم إعلانه لمبادرة بالخصوص في مطلع 2017، ورغم حديثه مؤخرا عن انتخابات في مارس 2021، إلا أنه لم يدفع المبالغ التي لا زالت (مفوضية الانتخابات) تطلبها منذ سنوات لإجراء الانتخابات. ومع ذلك دفع بالمخالفة مبالغ طائلة (بحسب تقرير الرقابة لسنة 2017) لأعضاء هيئة إعداد مسودة الدستور الليبي لتمرير مسودة تطيل أمد الأجسام القائمة لمدة تترواح بين سنة ونصف إلى سنتين، وعرضة للطعن من كافة المكونات الليبية وشريحة واسعة من النسيج الاجتماعي.

الطريق الأسهل والأمثل والأكثر دستورية هو أن تقتصر المفاوضات الجارية على تحديد تاريخ وآليات إجراء الانتخابات الرئاسية المباشرة التي اتفق على إجرائها جميع النواب، بما في ذلك السراج نفسه في القرار 5 لسنة 2014، وبحسب التفاصيل التي قدّمتها (لجنة فبراير) بكل احترافية. بهذه الطريقة يستطيع الليبيون أن يسترجعوا شرعية مؤسساتهم وأن يختاروا ويفوّضوا من يشاؤون من خلال صناديق الانتخابات لا من خلال الصفقات والمحاصصات ولا من خلال الحروب والصراعات.

تنوه وكالة أخبار ليبيا 24 أن اللقاء اجرى بتاريخ 4 أكتوبر 2020

In this article